نقد في رواية ’’ الباشا و التراب’’ للكاتب ايمن البارودي 2005
النقد بقلم احمد العربي
.تبدأ الرواية من مدخل غريب ومتميز.. فبطلها (لن اذكرالاسماء لانها غريبه ومتعبه) يجد نفس ميتا وهو في سن الستين ..وهو شاعر الوطن وبطله.. يجد نفسه في لحظة قدر مجنون خارج لعبة الحياة .وهو في ذروة عطائه ومجده ونهمه لان يمتلئ من الحياة اكثر...
سيترك خلفه زوجه متصابيه ابنة الحسب والنسب .وابنا في عز شبابه غارق في في ملذاته مستفيدا من عز ابيه..وترك وراءة ايضا خادمته التي كان قد ودعها بليلة غرام ما زالت آثارها عليه .وهو ميت الان.. ومودعا في رحمها طفل الخطيئة.. ولانه لم يرد لابنه مستقبل التشرد .فقد عقد على خادمته بعقد سري يعلنها زوجته .لتحمي نفسها ومستقبلها مع طفلها القادم... هو الان من موقعه في الغياب يراقب بحسرة وغير قادر على فعل شيئ.. زوجته وابنه يدركون خطيئة والدهم وسوقيته .ويقررون ان يتخلصوا من الخادمة وكل تبعيات علاقتها مع المرحوم.. وفي بالهم انهم من اصل شريف عريق غني لهم جذورهم التاريخيه. وان المرحوم نفسه مجرد ابن اخ بالحرام لوالد الزوجة .وانهم بعد ان احتضنوه وزوجوه وجعلوا منه شاعر الحق وبطل الوطن. يخون زوجته مع خادمته ابنة الريف الفقيرة التي لا يعرف لها اصل.
.في الرواية تتداخل ثلاثة عوالم .الاموات والاحياء والجن ايضا .وكلهم لهم دور في مسار الحياة وفي مسار ابطال روايتنا.. الخادمة تعرف ما يحاك لها وتتحرك لتحمي نفسها وجنينها.تتصل بالمحامي شاهد عقد زواجها وتطلب منه التدخل عند السلطات العليا لتحميها وجنينها.. وتجتمع العصبة اصحاب السلطة وتقرر ان يعيش الطفل وان يحصل على حقه من الارث .وان يكون له مستقبلا مميزا كإبن لشاعر الوطن وصوت الحق..سندخل بعد ذلك في متاهة التآمر والتآمر المتبادل بين الزوجة وابنها والخادمة وجنينها.. وكل يريد تصفية الاخر.. سيحضر الجن بقدرتهم المعرفيه الخارقه وبافعالهم وحضورهم الشبه مطلق.. وسيكونون شيعا واطراف متفاعلة ومتنافسة ايضا.. فتارة تتفق على ان تكون الزوجة الشرعية وابنها هم قادة البلاد .وتارة يتفقوا ان تكون الخادمة ووليدها القادم هم ابطال البلاد القادمين وحكامها... سيكون كل شيئ مباح ومستباح للوصول للهدف.وسيكون هناك عمل كثير وكبير من الانس والجن وسيكون هناك دوما محافل تقرر .وفوق المحفل محفل والكل يتحرك في ارض يكاد اصحاب الامر ان يكونوا مجرد .ادوات مفعول بهم ومن خلالهم في البلاد والعباد.. ستنتهي الرواية بمعرفتنا ان الوليد سيأتي. وسيكون هو القائد للبلاد وسيعيد صوغ الماضي ليكرس عظمته كماضي .كما يصنعها في الواقع.. وسيصنع تحالفاته مع الجن لانه دون الجن لا امكانية لحكم مستمر او مستتب...وان لم يتحالف مع الجن كلهم فهو يتخالف مع بعضهم...
.انتهت الرواية... ولكن لم تنتهي قراءتها فهي من الروايات التي تكتب بلغة الرمز والتقية وتوصيل الفكرة دون مسؤوليه.. كتبت في 2005.يعني الاستبداد العربي في عزة والربيع العربي كان حلما او كابوسا مستحيلا...لذلك كان لا بد من قراءة ثانية لها ..بعد تظهير النص .قراءة لما وراء السطور.. نحن امام حكام مستتبين في المكان والزمان مرتبطين تاريخيا مع الجن (النظام العالمي) .بشقيه غرب وشرق. وهناك حكام وليدون صنعتهم ظروف متنوعه . وهناك صراع بين الطرفين على الحكم .والكل تحت رعاية النظام العالمي... ولمصلحته قطعا.. الغائب الاكبر الشعب سواء عند الحكام القديمين او الجدد (ملكيين وجمهوريين) .او عند النظام العالمي.. هم ضمير مستتر كاداة يتم استخدامها لمصلحة الحكام بنوعيهما .والنظام العالمي بتنوعه ايضا...لذلك لن تكون مرتاحا عندما تقرأ الرواية فهي رواية المؤامرات القذرة والاهداف الدنيئه.. لا اهداف ساميه في حقل الرواية ولاعبيها ابدا. لا شعب يتطلع لنور الحرية والكرامة والعدالة.. وحتى كاتبها المختبئ وراء سطورها . يستعمل تقية تجعلة قادر على التملص من مسؤوليه اي فهم صحيح للرواية من الحاكم بأمره (لا سمح الله)...؟!!..
رواية تقرأ الظلام الذي كان يلفنا .فيها كثير من التهكم والسخرية المرة التي تبكي واقع الحال.. لا امل في الرواية ولا ضوء في آخر نفقها... وهذا حق في تاريخها...
.رواية شهادة على عصر ومرحلة وبهذه الصفة بالضبط هي رواية تستحق منا التقدير والاهتمام ..وهنا تميزها وامتيازها...
.وكان لا بد ان يأتي الربيع العربي ليقلب الحال وليحضر الشعب الغائب المغيب. صاحب المصلحة والحق.. ويتحرك منتصرا لحقه بالحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية والحياة الافضل..ولو ان ذات الاعداء من حكام تابعين والنظام العالمي وربيبته (اسرائيل) .ما زالوا يعملون لالغائنا كشعب والتحكم بنا عبر حكام ادوات يخونون شعبهم ..
.والصراع مستمر..
شكرا اخي ايمن على روايتك.. والى ابداع جديد فيه نور الحرية التي بزغت شمسها..
... احمد العربي...